JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->

من أجل تحفيز الوعي الجماعي بالبرنامج الاستعجالي

من أجل تحفيز الوعي الجماعي بالبرنامج الاستعجالي

في غفلة من مكونات المنظومة التربوية والتكوينية، وضمن سياسات تعليمية؛ وجدت المدرسة العمومية نفسها مدانة من المجتمع المغربي نتيجة واقعها المر، الذي تفاقم مع مرور السنوات وأنتج ضعفا في المستوى العلمي والكفائي للمتعلم المغربي، الذي أصبح يحتل الرتب ما قبل الأخيرة في التقارير الدولية، ولا يصنف في بعض مؤشراتها.
فحاولت السياسة التعليمية لمرة أخرى إنقاذ وضعها من جديد فكانت عشرية الإصلاح، التي لم تصلح من المنظومة إلا السطح دون العمق؛ ورفعت راية الدعاية لمنجزاتها السحرية بمنتديات وندوات وحفلات ألجمت كل انتقاد أو نقد يوجه إليها، للفت الانتباه إلى موطن من مواطن الهدم فيها؛ فجاء القول بالفشل قبل الأوان وقبل متم العشرية، بما يوزع الفشل على مكونات المنظومة، كل ونصيبه وقدره في تحمل مسؤولية الفشل! دون إجراء دراسة ميدانية تثبت ذلك؟ وصدرت الأحكام المطلقة دون إعطاء حق الرد عليها، وصدرت المذكرات وطبقت في مؤسسات نموذجا، وجربت في أخرى. كل ذلك جرى بمرأى ومسمع مكونات المنظومة التربوية والتكوينية دون أن تجد صوتا جماعيا يندد بما ألصق بها من إفشال للتعليم!؟ ودون لوم السياسة التعليمية القائمة في واقع الحياة المجتمعية المغربية، ودون لوم الوزارة على أجرأتها الفاشلة للميثاق الوطني للتربية والتكوين؟! ودون أن تتخذ تلك المكونات موقفا جماعيا صريحا تجاه ذلك الاتهام الصريح لأهل الميدان؟! لكن لم تخل الساحة من بعض الأصوات القليلة، سواء في صيغة جماعية أو فردية تشجب تلك الإدانة الموجهة لها. مما يشكل أرضية لاستنبات صوت واحد ناطق باسم مكونات المنظومة شاجب لكل اتهام بالفشل غير موضوعي في حق أهل الميدان. لكي تراجع الوزارة صيغة تعاملها مع قوادرها الميدانية، ولكي تتحمل قسطها من المسؤولية في فشل العشرية بجانب من يثبت في حقه إفشال الإصلاح. ولتكن المحاسبة للجميع قبل أن نجري برنامج الإصلاح الاستعجالي. الذي حمل في أكثر من موطن مسؤولية الفشل والتقصير لهذا المكون أو لذاك دون دليل قاطع ملموس، ودون إثبات مادي محسوس. وإنما هي إرهاصات دراسات قد لا تستقيم في منهجياتها وفي استشاراتها لفئات في وجه فئات أخرى؟! بما تحمل الواحدة منها وزرها للأخرى، كما يقع في تمرير الجودة. وهل كانت الجودة تمرر أو تبنى وتؤسس على منطلقات وأساسيات وعلى موجودات ... ؟!
إن البرنامج الاستعجالي وهو يوزع الفشل على الآخرين بوجه حق أو مجانا، يذهب بالتعليم العمومي في بعض محطاته إلى الشفقة عليه وذلك في غفلة من أهله،ويزيد من تعقيداته تعقيدا! ولعل التعاقد والتوظيف والإحالة على التعليم الخصوصي ... وغيرها، محطات يجب على أهل التعليم قراءتها جيدا، وقراءة المتحكمات الخلفية وراءها، ومساءلتها: كيف؟ ومتى؟ وأين؟ وبماذا؟ ولماذا؟ وأين المصير؟ ويحز في النفس أن تجد خلا ومضات جد قليلة التي تحاول تنوير الرأي التربوي العام من خلال بعض الأوراق أو المداخلات في هذه الندوة أو ذلك اليوم الدراسي. ومنه الواجب على كل قادر من قوادر المنظومة التربوية والتكوينية قراءة البرنامج قراءة ناقدة، لكي يوافق أو يتحفظ على البرنامج الاستعجالي وينخرط في تفعيله على بينة من أمره. فهو لم يشارك فيه ولم يعرف منطلقاته وأسسه وأهدافه وسبله العملية ... وإنما أخبر إخبارا، وروج له في ملتقيات من باب إخبار بالشيء والدعوة إلى تفعيله والمشاركة في إنجازه وإنجاحه. في حين هو ألغى أس الانخراط وهو المشاركة فيه من الألف إلى الياء، على أساس الدفع في وجه هذا النقد بالقول باستشارة المنظمات والهيئات النقابية والمهنية في صيغة استقراء الرأي حول بعض المجالات والمشاريع المكونة له! في حين تجد دائرة استفهام كبيرة وعريضة في الميدان: ما البرنامج الاستعجالي؟ ما مضمونه؟ وما غاياته؟ وما آليات تنفيذه؟ وما عائده على المنظومة التربوية والتكوينية؟ وما الواقع الذي يستهدفه؟ وكيف يعالجه؟ ... أسئلة لن تجد الجواب إلا بالقراءة المتعمقة والنافذة والناقدة التي تدقق في السطور وما وراءها وما بينها، لا تترك شاردة تمر دون أن تجد لها موقعا من هذا الكل الذي استعجل على المنظومة.
إن أهل التربية والتكوين يجب أن يتحملوا مسؤولياتهم تجاه البرنامج الاستعجالي قراءة ونقدا وتنفيذا حتى لا يعيدوا الكرة ثانية من جديد، كما وقع لهم في تمرير مرسوم القانون الأساسي لموظفي الوزارة سنة 2003، فضيعوا مكتسبات تنازلوا عليها من خلال منظماتهم وهيئاتهم النقابية والمهنية، وراحوا يناضلون من جديد لأجل استرجاعها، ولست في حاجة للتذكير بها، لأنها كانت محط كتابات عديدة بينتها في حينه. فاليوم، والجميع منخرط في غمز غيره ولمزه، وفي التشهير بهذا أو ذاك أو منخرط في همه، لا تعنيه قراءة ولا نقد، وإنما حاجته الضيقة من معيش يومي ومستقبل لحظي سيطرت على كل تفكيره وأهدافه أو منخرط في التلميع والتبرير لأجل مصلحة خاصة أو فئوية أو منخرط بالإهمال واللامبالاة لأن الواقع فوق الفعل الفردي أو منخرط في المشاريع الخاصة، التي لا تعد فيها الوظيفة والشأن التعليمي سوى " خضرة فوق طعام " أو بقرة حلوب إضافية للخيرات التي منحها الله للإنسان المستهلك ... كل منخرط في شأنه، والشأن التعليمي قلما ينظر إليه شأنا شخصيا وذاتيا، ما يضره يضر الشخص ذاته وما ينفعه ينفع الشخص نفسه؟! في ظل هذا الانخراط تكون القراءة للبرنامج الاستعجالي أوجب الواجبات، والمساهمة فيه بالتصحيح والفعل والتنفيذ والإنجاح فرض عين إن أردنا أن تنجح مدرستنا العمومية ونبقى ملتصقين بها بل متماهين بها ومعها.
إلى أحبتي أهل الميدان، البرنامج الاستعجالي يهمنا جميعا ويهم مستقبلنا ويهم أبناءنا ومستقبلهم ومستقبل البلاد، فهو شأننا الذي يجب أن نتمعنه ونعيه بكل تفاصيله حتى لا نقول يوما ما: لماذا بيعت هذه المؤسسة أو حولت إلى تلك الجهة الخاصة أو لماذا لم يرسم هذا الموظف التعليمي أو لماذا هذه العقدة بهذه الصيغة أو لماذا هذه المحاسبة بهذا الشكل أو لماذا هذا البرنامج الدراسي طغت فيه هذه اللغة أو تلك؟ فأخطاء أجرأة الميثاق الوطني للتربية والتكوين تحمل عبئها أهل الميدان المطبقين لها، هم الذين عانوا من تنزيلاتها ومن إكراهات الواقع، وهم الذين يتهمون بإفشال التعليم! لأن المجتمع لا يعرف سوى أنه وضع أبناءه بين يدي أهل الميدان، وعليهم تكوينهم وتعليمهم وتربيتهم! وأي خلل لا يعرفه إلا فيهم! وبالتالي؛ علينا تحمل مسؤولياتنا من البداية لكي لا نقع في الورطة.
أحبتي هذه الدعوة ليست ضد البرنامج الاستعجالي وليست معه وإنما هي من أجله أولا، حتى يستقيم ومتطلبات وتطلعات المستقبل. ومن أجل تفعيل أهل الميدان في شأن يعنيهم بالدرجة الأولى قبل غيرهم. فهل من فاعل في الميدان يقول: هكذا فصل البرنامج الاستعجالي في التربية والتكوين من أجل الإنقاذ أو الإنفاذ ؟


عبد العزيز قريش للجريدة التربوية الالكترونية
الاسمبريد إلكترونيرسالة