JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

الصناديق الزجاجية ليست دائما شفافة

«هذه علامات الساعة واش حتى الحج كيديرو فيه الخواض» كلمات رددها رجل في الستينات من عمره على مسامع صديقه بإحدى المقاهي، في محاولة منه لإخباره بما جرى في أحد المراكز المخصصة لإجراء قرعة الحج بالنسبة للموسم الجاري.
لم يفهم الرجل ما يقصده صديقه فطلب منه توضيح الأمر، قبل أن يرد عليه الأخير بأنه لمس صدفة بعض الأظرفة التي كان أصحابها محظوظين وفازوا بقرعة الحج هذه السنة، فتبين له أنها باردة بشكل لافت للانتباه، رغم أن الجو كان حارا في ذاك اليوم، غير أن انشغاله بباقي تفاصيل القرعة وأمله في أن يحظى بزيارة بيت الله الحرام وقبر النبي المصطفى، ألهياه عن التدقيق في الأمر، لكن النتيجة كانت مخيبة ولم يحظ بالحج رغم أنه أجرى القرعة خمس سنوات متتالية.
عاد الرجل إلى منزله يجر أذيال الخيبة، وسرد ما وقع على أفراد أسرته وبعض أقاربه، وكان منهم موظف ومقرب من بعض رجال السلطة ويعرف خبايا الأمور، فأخبره أن المسالة ليست جديدة، وأن بعض المشرفين على قرعة الحج يعمدون، في محاولة لترجيح فرص أقرباء أو أصدقاء أو مقدمي رشاو، على وضع الأظرفة الخاصة بهم في ثلاجة في الليلة التي تسبق القرعة، ويتفقون مع الشخص الذي يكلف بالسحب على فرز الأظرفة الباردة قبل غيرها.
لم يجد الرجل بدا من الاستغفار وقراءة اللطيف على أحوال هذا البلد الذي لم يحترم فيه البعض حتى أمور الدين، بعد أن أفسدوا كل ما له علاقة بالدنيا، ووعد بأن يعمد، في السنة المقبلة، إلى لمس كل ظرف على حدة قبل بدء القرعة.
إذا صحت هذه الرواية، والأرجح أنها ستكون صحيحة، بالنظر إلى أن بعض المغاربة معروفون بإبداعهم في كل شيء له صلة بـ«التخلويض»، فستكون مؤشرا على أن النصب والاحتيال والرشوة لا حدود لها، فحتى الحج، الذي أعفى الله من لم يستطع إليه سبيلا (ويدخل في السبيل هنا حتى الفوز بالقرعة)، لم يوقروه، وعاثوا فيه فسادا كذلك. حكاية الأظرفة الباردة والساخنة ليست جديدة، فقبل أشهر كان هناك حديث عن تلاعبات شابت عملية توزيع بقع أرضية على قاطني أحد أحياء الصفيح. اللعبة أو الحيلة لم تختلف عن تلك التي تحدث عنها الحاج (المعدود ضمن الحجاج بنيته على الأقل)، إذ وضعت كرات بلاستيكية في ثلاجة قبيل إجراء القرعة، قبل أن تدس فيها أرقام بقع تحتوي على دكاكين وتوضع في الصندوق الزجاجي، الذي أصبح رمزا لدينا لشفافية العملية، ويستفيد منها بعض المحظوظين.
خلاصة واحدة نصل إليها من كل هذا، أن الصناديق الزجاجية ليست دائما شفافة، وأن هناك إمكانيات عديدة لتغيير النتائج، سواء كانت مرتبطة بقرعة الحج أو البقع الأرضية أو كرة القدم أو الانتخابات...
عن الصباح
الاسمبريد إلكترونيرسالة