JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

المجلس الأعلى للتكوين يدعو إلى إقرار نظام جديد للامتحانات

المجلس الأعلى للتكوين يدعو إلى إقرار نظام جديد للامتحانات
قال بضرورة الاعتماد على عتبة التعلمات للانتقال بدلا من منطق الخريطة المدرسية

الصحافي :
أحمد امشكح
مايو 26, 2015العدد: 2691


تنطلق في التاسع من يونيو أولى الامتحانات الإشهادية والمتعلقة بالدورة الأولى لشهادة الباكالوريا، والتي تمتد إلى الحادي عشر من نفس الشهر.
وتدخل المدرسة المغربية بذلك مرحلة التقويم التي تعتبر محطة أساسية في المسار البيداغوجي للمتعلم. نظام التقويم المعمول به مستمد من الميثاق الوطني للتربية والتكوين، والذي أضحى في حاجة لبعض الإصلاح، والذي يحمله اليوم تصور المجلس الأعلى للتكوين والبحث العلمي.

بدأ العد العكسي لانطلاق مسلسل الامتحانات الإشهادية في المدرسة المغربية، والذي يعني النظام التقويمي الذي يخضع له التلاميذ بعد فترة دراسية.
المسلسل ينطلق بامتحان شهادة الباكالوريا في دروتها الأولى، ابتداء من التاسع من يونيو المقبل على امتداد ثلاثة أيام، قبل أن تتوالى بقية المحطات. وهو مسلسل يفرض علينا فتح سيرة النظام التقويمي المعمول به في المدرسة المغربية، ومدى قدرته على أداء المهمة على الوجه الأكمل. لذلك كان المجلس الأعلى للتكوين والبحث العلمي قد خص هذا الشق بتصور جديد حمله التقرير التركيبي الذي وضعه عمر عزيمان أمام الملك في بحر الأسبوع الذي ودعناه.
لقد ظلت المدرسة المغربية تعتمد نظام «التحصيل الفعلي للمتعلم «، الذي جاء به الميثاق الوطني للتربية والتكوين. والذي لا يزال معمول به لأكثر من عقد من الزمن. فالدراسات التقويمية ظلت تفيد بتواضع أداء التلميذ المغربي في جميع المجالات. وهو ما يعني أن وضع المغرب مقلق في هذا الإطار مقارنة بأنظمة تربوية أخرى مشابهة لمنظومتنا. لذلك كان لا بد من مساءلة النظام التقويمي، والذي يعتمد على تقويم للمحطات الإشهادية فقط، دون أن يعير الاهتمام الكافي لتحصيل المتعلمين في المستويات الأخرى الانتقالية. كما أن معايير إجراء المراقبة المستمرة وتأطيرها، في حاجة لإعادة النظر. فحينما تم اعتماد نظام الامتحان « الجهوي» في أول باكالوريا مثلا، كان ذلك من أجل تركيز التلاميذ على المواد المميزة للشعبة التي يدرس بها وإعفاؤهم من المواد غير المميزة لشعبتهم. لكن الامتحان الجهوي أصبح، للأسف، يرهن مصير العديد من التلاميذ في الحصول على الباكالوريا. كما أن المراقبة المستمرة يجب أن تكون مرآة حقيقية لمستوى تحصيل التلاميذ لتحديد ما يمكن دعمه وتداركه. غير أن ما حدث، ومن خلال بعض الممارسات، أفسد المعنى والدور الحقيقيين للمراقبة المستمرة.
هذه بعض المجالات التي كانت في حاجة لمن يسائلها لتجاوز اختلالاتها، في أفق الوصول إلى درجة ربط المراقبة المستمرة بمستوى التحصيل الفعلي للمتعلمين. لذلك لم يفوت تقرير المجلس الأعلى للتكوين والبحث العلمي فرصة قراءة تجربة النظام التقويمي، الذي مرت عليه اليوم اثنتا عشرة سنة. ليخلص في اللجنة الخاصة التي تداولته إلى ضرورة إصلاح شامل لنظام التقييم والامتحانات، على نحو يكفل تكافؤ الفرص بين المتعلمين، انسجاما مع شعار الإصلاح الذي يتحدث عن تكافؤ الفرص.
أما الصيغة، فهي بالعمل على تشجيع النبوغ والتفوق، بناء على معايير الاستحقاق، بإقرار نظام جديد للامتحانات، مع مراجعة أنظمة التقييم، من خلال، توجيه العمليات التقييمية نحو الكفايات وتوظيف المعارف؛ وتوسيع إمكانيات توظيف التقييم التكويني والتقييم التشخيصي، أكثر من التقييم الجزائي، مع تحديد عتبة التعلمات اللازمة للانتقال إلى المستوى الأعلى، بدل اعتماد منطق الخريطة المدرسية.
ثم إعداد دلائل مرجعية دقيقة حسب المستويات والأسلاك، للأنشطة التقييمية، سواء التشخيصية منها أو التكوينية أو الإشهادية أو المندرجة في إطار المراقبة المستمرة. وتخصيص المناهج والبرامج لحيز يتناسب ومكانة التقييم وأهميته، من حيث التوجيهات التربوية والزمن والأنشطة والوظائف؛ وتبسيط ومعيرة آليات التقييم والدعم التربوي، ضمانا لتوفر المتعلمين على حد مقبول للنجاح. ومتابعة الدراسة فيما بين المستويات والأسلاك التعليمية، مع اعتماد آليات الروائز وشبكات التقييم الكيفي للكفايات والتعلمات، وبطاقات التعثرات والتتبع الفردي للمتعلم. وإعادة الاعتبار والمصداقية للامتحانات الإشهادية، وخاصة البكالوريا، والرفع من جودتها، من خلال إعطاء الأولوية للامتحانات الموحدة، جهويا ووطنيا، تحقيقا لمبدأ الاستحقاق وتكافؤ الفرص، وإعادة النظر في كيفية إدراج المراقبة المستمرة في عمليات التقييم والامتحان.
لقد أدركت كل مكونات التربية والتعليم أن النظام التقويمي الذي جاء به الميثاق الوطني للتربية والتكوين خصوصا بشأن شهادة الباكالوريا، لم يحقق النتائج المرجوة منه، على الرغم من أنه بني على خلفية تربوية سليمة. لذلك وجب إعادة النظر فيه. ومن أولى الخطوات التي جاء بها المجلس الأعلى في تصوره الأخير، هو إرساء إطار وطني للإشهاد، كفيل بتنظيم وتصنيف الشهادات والدبلومات، وفق شبكة مرجعية تحددها القطاعات المكلفة بالتربية والتكوين والبحث العلمي. من شأن هذا الإطار أن يضمن الشفافية والوضوح والمقارنة بين الشهادات على أساس دليل وطني للإشهاد، وأن يمكن من تحسين أدوات تقييم التحصيل الدراسي والتكويني، وأن يضفي عليها المزيد من المصداقية والنجاعة، وأن يتيح حركية سلسة لحملة الشهادات والدبلومات، وطنيا وعلى الصعيد الدولي.
ولأن أنظمة الامتحان ترتبط في شق كبير منها بنظام التوجيه التربوي والمهني والجامعي، فقد أولى تقرير مجلس عزيمان هذا الشق العناية اللازمة بالدعوة إلى مراجعة شاملة لهذا النظام بتحديثه، وإعادة النظر في مفهومه وفي طرقه وأساليبه الحالية، وإرساء رؤية وطنية مؤطرة له، وتأهيل موارده، وتوفير الشروط اللازمة للنهوض به وبتفعيله على النحو الأمثل، لتمكينه من الاضطلاع بأدواره التربوية الوظيفية، تأسيسا على استعدادات المتعلمين وميولهم وقدراتهم، بما يخدم المقاصد التنموية الشاملة.
وفي هذا الصدد، يتعين، بحسب تقرير المجلس، في المدى القريب والمتوسط على الأكثر، العمل على منح التوجيه التربوي أدوارا جديدة تمكنه من القيام بمهام الدعم البيداغوجي المستدام، بالاعتماد المبكر على التوجيه، لمصاحبة المتعلم في بلورة مشروعه الشخصي، منذ السلك الابتدائي، إلى غاية التعليم العالي، ومصاحبة النبوغ والتفوق، وتعزيز التربية على الاختيار؛ وإرساء إطار للتوجيه من التعليم المدرسي نحو شعب التكوين المهني، يأخذ في الاعتبار المشروع الشخصي للتلميذ، وميوله نحو التكوين المهني، مع وضع آليات للتوجيه داخل نظام التكوين المهني تعتمد معايير تراعي مؤهلات المتدرب وقدراته الفعلية. بالإضافة إلى تنويع أكثر للعرض التربوي بالتعليم الثانوي، بما يسمح بإعداد بكالوريا مهنية، تستند إلى أطر مرجعية لكفايات المهن والوظائف في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والخدماتية، وتؤهل الحاصلين عليها لولوج مختلف المسالك التقنية والإجازات المهنية بالتعليم العالي أوالتكوين المهني.
أما آليات التوجيه التربوي، فيجب أن تعتمد على الروائز، بدل المعدلات. مع مراعاة ميول وقدرات المتعلمين أساسا، ومشاريعهم الشخصية، وتوفير بنيات وشروط العمل.
لقد ظل نظام الامتحانات والتقويم يشكل إكراها حقيقيا في المدرسة المغربية خصوصا حينما يتعلق بالامتحانات الإشهادية، والتي تتوزع اليوم في نظامنا التعليمي على شهادة الدروس الابتدائية، ثم شهادة الدروس الإعدادية. وصولا إلى شهادة الباكالوريا في سنتها الأولى مع امتحان إشهادي جهوي، ثم الثانية مع امتحان إشهادي وطني. وفي كل هذه المحطات لا تزال الإكراهات تصنف المغرب ضمن الدول التي لا تولي هذا الشق التعليمي التربوي الكثير من الأهمية. ومن ذلك ما سبق أن كشف عنه تقرير للبنك الدولي حول الموضوع عرض فيه أرقاما صادمة تقول إن جل الدول العربية تركز، في امتحاناتها، على أهمية مواضيع مثل الجبر والجغرافيا والنحو، على حساب مهارات مطلوب توفرها من خريجي القرن الجديد، مثل حل المشاكل، والعمل ضمن مجموعة، والتكنولوجيا، والإدارة.
وزاد على أن الأنظمة التعليمية في البلدان العربية يسودها «منطق الاختبار»، الأمر الذي يتضح من خلال «التتبع الصارم للتلاميذ في بداية المرحلة الثانوية، والدور المحوري لاختبارات ذات درجات عالية بدلا من منطق التعلم». والحصيلة هي أن الجودة المفترضة في المدرسة كبوابة إلى المجتمع، تظل رهانا صعب التحقق.
الاسمبريد إلكترونيرسالة