JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

المجلس الأعلى للتعليم ينتصر للفرنسية لغة ثانية

المجلس الأعلى للتعليم ينتصر للفرنسية لغة ثانية 




الصحافي : أحمد امشكح المساء  مايو 19, 2015 العدد: 2685


أخيرا صدر التقرير النهائي لمشروع الإصلاح التربوي بعد خلاف حاد حول قضية اللغة التي فرقت أعضاء المجلس الأعلى للتكوين والبحث العلمي.
وراهن التقرير على جملة من الإجراءات التي يمكن أن تعيد للمدرسة المغربية دورها، من أبرزها منح الفرنسية مكانا خاصا كلغة تدريس ثانية إلى جانب العربية. والاهتمام أكثر بالتعليم الأولي. والاستفادة من الاختلالات التي عرفها تطبيق الميثاق الوطني للتربية والتكوين، في أفق تحقيق مدرسة الجودة والإنصاف والارتقاء.

لم تكن الأجواء التي أنهى فيها المجلس الأعلى للتكوين والبحث العلمي أشغاله للحسم في تقريره النهائي، عادية. لقد حركت بعض الاختيارات التي حملها المجلس حفيظة بعض الأعضاء خصوصا أولئك الذين جاؤوا محملين بأفكار مسبقة، ويتحركون وفق خلفيات راهنوا على الدفاع عنها بداخل المجلس.
وشكلت قضية اللغة الموضوع الأكبر الذي فرق أعضاء المجلس خصوصا حينما عاد النقاش مجددا حول مصير اللغة الفرنسية التي حافظت على مكانتها كلغة تدريس ثانية على حساب اللغة الإنجليزية التي دافع عنها عدد من رجال السياسة بمن في ذلك رئيس الحكومة، الذي لم يتردد في انتقاد دعاة حماية الفرنسية كلغة ثانية في تعليمنا المغربي، بعد أن دعا رئيس المجلس إلى تشكيل لجينة عهد إليها بوضع تصور يحافظ للعربية عن مكانتها كلغة للتدريس، مع إعطاء الفرنسية حظها في أن تكون حاضرة في بعض دروس الأقسام الإعدادية والثانوية.
غير أنه بعيدا عن هذا الإشكال، جاء التقرير التركيبي الذي عرضه المجلس الأعلى منسجما مع جملة من المعطيات سواء تلك التي حملتها المشاورات التي سبق أن فتحها المجلس مع الأحزاب السياسية، والتنظيمات النقابية. أو مع ممثلي جمعيات الآباء. أو تلك التي كان المخطط الاستعجالي لإصلاح التعليم قد جاء بها ضمن مشاريعه التي فاقت العشرين. أو ما قال به الميثاق الوطني للتربية والتكوين.
لقد أكد تقرير مجلس عزيمان على أن المدرسة المغربية تقع اليوم في صلب المشروع المجتمعي لبلادنا، اعتبارا للأدوار التي عليها النهوض بها
في تكوين مواطنات ومواطني الغد، وفي تحقيق أهداف التنمية البشرية والمستدامة، وضمان الحق في التربية للجميع. وهي لذلك، تحظى بكونها تأتي في صدارة الأولويات والانشغالات الوطنية.
ووفق هذا التصور، سجل التقرير أن المدرسة المغربية حققت جملة من المكتسبات التي يتعين توطيدها وتطويرها، سيما منها تحديث الإطار
القانوني والمؤسساتي؛ والتقدم الكمي في تعميم التمدرس؛ وإقامة الهياكل المؤسساتية للحكامة اللامتمركزة؛ وتخويل الاستقلالية للجامعة؛ ومراجعة المناهج والبرامج الدراسية؛ وإرساء هندسة بيداغوجية جديدة في التعليم العالي؛ وإدراج تدريس الأمازيغية وثقافتها؛ وإعادة هندسة شعب التكوين المهني وتخصصاته والتوسيع التدريجي لطاقته الاستيعابية؛ ومشروع تأهيل التعليم العتيق.
غير أن هذه الإنجازات لا يجب، بحسب تقرير المجلس، أن تنسينا ما تعانيه هذه المدرسة من اختلالات مزمنة، لعل أبرزها هو محدودية المردودية الداخلية للمدرسة، متجلية أساسا في ضعف التمكن من اللغات والمعارف والكفايات والقيم؛ ومحدودية نجاعة أداء الفاعلين التربويين وما يعانيه التكوين الأساس والمستمر من نقائص؛ واستمرار الهدر المدرسي والمهني والجامعي؛ والولوج المحدود للتعلم عبر تكنولوجيا الإعلام والاتصال؛ وضعف مردودية البحث العلمي؛ والتردد في معالجة الإشكاليات العرضانية، سيما مسألة تعلم اللغات ولغات التدريس.
وهو ما ينعكس، يضيف تقرير المجلس، على ضعف المردودية الخارجية، والمتمثلة في صعوبات الاندماج الاقتصادي والاجتماعي والثقافي
والقيمي للخريجين؛ ومحدودية الانفتاح والتفاعل على المحيط. مع نقص في قدرة المدرسة على المواكبة السريعة والملائمة لتحولات محيطها المحلي والعالمي، وإدماج مستجداته ومبتكراته.
أما نتيجة هذه الوضعية، فهي بحسب تقرير المجلس، تكلفة باهظة تتحملها البلاد في تحقيق مشروع المواطن والديمقراطي والتنموي، وفي الانخراط الفاعل في مجتمع المعرفة والابتكار والتكنولوجيا. وبذلك يكون ضحايا هذه التكلفة هم إذن، رواد المدرسة ومستقبلهم شبه المحجوز، ووطنهم المحروم من كفاءاتهم ومؤهلاتهم.
بنى المجلس الأعلى تصوره الإصلاحي على شعار «من أجل مدرسة الإنصاف وتكافؤ الفرص». إنصاف على المستوى المجالي والاجتماعي، وعلى أساس النوع، والقضاء على التفاوتات بمختلف أنواعها، وإقامة مجتمع إدماجي وتضامني.
وبهذا المعنى، يضيف التقرير، يشكل الإنصاف أحد الأسس الثلاثة الناظمة والبانية للرؤية الاستراتيجية لإصلاح تربوي جديد. إنه تحد ينبغي على المدرسة رفعه، ورهان عليها كسبه، وذلك بوصفه مبدأ مهيكلا وغاية مثلى، لا مناص من بلوغها خلال السنوات العشر القادمة.
ثم إن الإعمال المتساوي والمنصف للحق في التربية والتكوين، يقول تقرير المجلس، يتطلب إرساء مدرسة ناجعة، لها القدرة على المزاوجة العضوية بين مستلزمات التعميم السريع والشامل، وبين مقومات الجودة ووجوب توفيرها لكل المتعلمات والمتعلمين. نجاعة مؤسسات التربية والتكوين تقاس اليوم بالمردودية الداخلية والخارجية في آن واحد؛ فالتمتع بالحق في التربية والتكوين، لا ينفصل عن الحق في التمدرس، وفي
التعلم مدى الحياة، وفي توفير تعليم عصري، منصف، ذي جودة، نافع، ومستدام. لذلك لا بد بعد انصرام خمس عشرة سنة على تطبيق الميثاق، الذي تحققت خلاله إنجازات ظلت في حاجة إلى نفس جديد لاستكمالها، من توطيد مكتسباتها، واقتراح حلول مبتكرة لترسيخ الإنصاف والجودة والارتقاء.
بهذا الصدد، تمكنت المدرسة المغربية من تحقيق نسب متقدمة في تعميم التعليم الإلزامي، وتمدرس الفتيات إلى جانب الفتيان، وتراجع في نسب الأمية، وتطور في برامج التدخل في التربية غير النظامية، وتزايد أعداد مؤسسات التعليم العتيق. كما قطع التكوين المهني أشواطا في توسيع طاقته الاستيعابية، مع تحسن ملموس في نسب التدفق على مؤسسات التعليم العالي، بالنظر لتنويع العرض الجامعي، وارتفاع نسب الاستقطاب بالنسبة للتعليم الخصوصي، المدرسي والجامعي والتكويني.
غير أن هذا الإنصاف في الولوج والتعميم والجودة، تعترضه العديد من الصعوبات، بدرجات متفاوتة، خصوصا في التعليم الأولي، الذي تؤثر محدودية تغطيته بشكل سلبي على الإنصاف وتكافؤ الفرص، ثم في
سلكي التعليم الإلزامي، الذي تستنزفه ظواهر الانقطاع والمغادرة المبكرة والهدر والتكرار. أما التعليم الثانوي التأهيلي والتعليم الجامعي، فيظلان بدورهما بعيدين عن تحقيق الهدف المنشود في هذا المجال. أما لتجاوز هذه الإكراهات، فإن المجلس الأعلى يقترح توطيد وتطوير للمكتسبات المحرزة، واستدراكا للتعثرات الحاصلة.
ويعد التعليم الأولي، بحسب تقرير عزيمان، القاعدة الأساس لكل إصلاح تربوي، مبني على الجودة وتكافؤ الفرص والمساواة والإنصاف، وتيسير النجاح في المسار الدراسي والتكويني. لذلك، يستدعي النهوض به على المدى المتوسط وفي حدود السنوات العشر القادمة القيام، على الخصوص، بجعله بمواصفات الجودة، التزاما للدولة والأسر بقوة القانون، ووضع الآليات الكفيلة بالانخراط التدريجي للجماعات الترابية في مجهود تعميمه، وتحسين خدماته، وذلك بتمكين جميع الأطفال المتراوحة أعمارهم ما بين 4 و 6 سنوات من ولوجه.
ثم إحداث إطار مؤسساتي يختص في التعليم الأولي، يكون تحت إشراف وزارة التربية الوطنية، يتحمل مهام التنسيق وتحقيق الانسجام بين كافة أنواع المؤسسات التربوية المعنية بهذا النوع من التعليم، مع وضع آليات تتبعه ومراقبته؛ واعتماد نموذج بيداغوجي موحد الأهداف والغايات، متنوع الأساليب، خاص بالتعليم الأولي، كفيل بضمان انسجام مناهجه وطرائقه، وعصرنتها، وتمكينه من الوسائل المادية والتربوية الحديثة، وضمان جودة خدماته ومردوديته على نحو منصف بالنسبة لجميع الأطفال المغاربة، ذكورا وإناثا، البالغين سن التعليم الأولي؛ مع وضع إطار مرجعي واضح، ودفاتر تحملات مضبوطة لمعيرة التعليم الأولي بإشراك المتدخلين المعنيين كافة؛ ثم إعادة تأهيل مؤسسات التعليم الأولي القائمة، في اتجاه ملاءمتها والرفع من جودة أدائها؛ وإحداث شعب لتكوين الأطر اللازمة للتعليم الأولي بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين.
إن المشروع الإصلاحي الذي حمله المجلس الأعلى للتكوين والبحث العلمي يراهن على جملة من الأسس، والتي يعتبرها غايات في الآن نفسه وهي الإنصاف وتكافؤ الفرص؛ والجودة؛ ثم الاندماج الفردي والارتقاء المجتمعي.
وهي أسس، كفيلة بتحقيق الإصلاح المنشود، حيث تقدم خارطة طريق بمداخل نسقية وبرافعات للتغيير المستهدف. وتواكب التحديات والرهانات في مجال تجديد المنظومات التربوية.
وتستند هذه الرؤية إلى جملة من الإجراءات من أبرزها اعتماد نظرة شمولية لمختلف مكونات المدرسة، وتلافي تقديم برامج التطبيق والتدابير الإجرائية، وتجاوز المعالجة التقنية والكمية الصرفة لقضايا التربية والتكوين، التي تعد من صميم صلاحيات السياسات العمومية؛ وتوطيد المكتسبات وتطويرها، وإحداث القطائع الضرورية وابتكار حلول جديدة بمقاربة للتغيير، قوامها الحسم في الإشكاليات العرضانية العالقة، والمزاوجة بين الطموح والواقعية، وبين تحديد الأولويات والتدرج في التنفيذ؛ واعتبار الفصل الدراسي النواة الأساس للإصلاح، بإعطاء الأولوية للمتعلم والمدرس؛ والتعلمات؛ والفاعل التربوي؛ وظروف التمدرس؛ وبتمكين مؤسسات التربية والتكوين ومجموعتها التربوية من الإمكانات الضرورية للاضطلاع بمهامها، وبإعادة بناء علاقة تربوية جديدة بين المتعلم والمدرس، وبينهما وبين فضاءات التعلم؛ ثم التأكيد على توفير مستلزمات تطبيق الإصلاح التربوي: البشرية والمادية والمالية والتواصلية؛ وترسيخ المقاربة التشاركية، في بلورة الإصلاح وتملك أهدافه ومضامينه، وأيضا في سيرورة تطبيقه.
ولكي تضطلع المدرسة بأدوارها الحاسمة، وجب الانتقال بالتربية والتكوين والبحث العلمي، من منطق التلقين والشحن والإلقاء السلبي الأحادي الجانب، إلى منطق التعلم والتعلم الذاتي، والتفاعل الخلاق بين المتعلم والمدرس، في إطار عملية تربوية قوامها التشبع بالمواطنة الفعالة واكتساب اللغات والمعارف والكفايات، فردية وجماعية وكونية، وتنمية الحس النقدي وروح المبادرة، ورفع تحدي الفجوة الرقمية وترسيخ تكنولوجيا الإعلام والاتصال، في المدرسة وفي المجتمع.
هذه بعض الأسس التي بنى عليها المجلس الأعلى للتكوين والبحث العلمي تصوره الإصلاحي للمدرسة المغربية. أسس بناها على أن تعود للمدرسة وظيفتها في توفير التعلمات الأساسية، وأن تعطى للتعليم الأولي الأهمية الأكبر. دون التفريط في بقية الإجراءت المتعلقة ببنيات الاستقبال وبالتعليم الخصوصي ومحاربة الهدر المدرسي.
الاسمبريد إلكترونيرسالة