أزمة التعليم واستقالة الحكومة
آشكاين
آشكاين
الخميس 23 نوفمبر 2023
عبد العزيز المنتاج
يبدو أن الأزمة التي تجري أحداثها في قطاع التعليم قد لا تنجلي بخير، خاصة أن الإضرابات لا تزال متواصلة، ولا نية للأساتذة في وقفها، ما يعني استمرار هدر الزمن المدرسي واستمرار بقاء ملايين التلاميذ في الشارع… فمن المسؤول عما جرى وعما يجري الآن؟ لفهم السؤال لا بد من إعادة عقارب الساعة الى الوراء قليلا.
كلنا نعلم أن الوزارة كانت ولمدة سنتين في حوار مع النقابات ولإنجاح جلساته فرضت عليهم السرية وهو التزمت به النقابات لما يقارب الثلاثين اجتماعا، يوم 20 شتنبر انعقد اجتماع آخر قدمت خلاله النقابات مجموعة ملاحظات بشأن ماجاء في النظام الأساسي، لكن الوزارة تركت النقابات تنتظر وحملته يوم 27 شتنبر إلى المجلس الحكومي، وهو مادفع النقابات الى إصدار بيان رفضها للنظام الأساسي يوم 29 شتنبر، ويوم 5 اكتوبر الموافق لليوم العالمي للمدرس، نظم الأساتذة واحدة من أكبر التظاهرات الاحتجاجية في الرباط رفضا لهذا النظام وماجاء فيه، لكن الحكومة واجهت ذلك بسحل وضرب رجال التعليم وتعنيفهم، أما وزارة التربية الوطنية فردت على هذه المسيرة الاحتجاجية الضخمة بالإسراع بتمرير النظام الأساسي في الجريدة الرسمية، ما دفع الاساتذة للإضراب يوم 12 اكتوبر، لكن دون أن يهتم بهم أحد، لا الوزارة ولا الحكومة، بل أكثر من ذلك أطلقت الوزارة مسؤوليها الذين أكرمهم النظام الأساسي بتعويضات سخية ليشرحوا ايجابيات صفر درهم للأساتذة…
وقد انتظر الأساتذة 15 يوما ليلتفت إليهم أحد ولكن دون جدوى، ليعلنوا عن إضراب يوم 25 اكتوبر الذي شل جل المؤسسات التعليمية بالمغرب، وعوض أن تسارع الوزارة الى فتح قنوات الحوار أطلقت مسؤوليها الذين صبوا النار على الزيت بتشكيكهم في نسب الإضراب وأنها لا تتعدى 30%، ليستمر الاحتقان بتنظيم أكبر مسيرة احتجاجية بالرباط يوم 7 نونبر 2023 وبمشاركة أكثر من مائة ألف أستاذ، حينها قامت الحكومة في شخص رئيسها، وبعد شهر من بداية الأزمة، باستدعاء النقابات التعليمية والاستماع إليها، دون تحديد موقفها من مطالب رجال التعليم ودون وعدها بسقف زمني للرد عن هذه المطالب، لكن وبعد أيام استدعى وزير الشغل النقابات مرة أخرى للاستماع إليها، وبنفس الطريقة دون تقديم عرض حكومي ولا موقف رسمي ولا تعهد ولا تحديد لسقف زمني، ليتفاجأ الأساتذة بخرجات وكأنها تراجع حكومي، خرجات بدأها الناطق الرسمي مؤكدا لجوء الحكومة للاقتطاع، وتابعها رئيس الحكومة نفسه قائلا بأنه لا حوار الا بعد العودة للأقسام، وأنهاها وزير العدل بقوله أن الحكومة لن تتفاوض من موقف ضعف وأنه لن يقبل لي دراع الدولة وأنه وو..
السؤال المطروح أين كانت الحكومة منذ شهرا ونيف، ألم تتابع مسيرتين كبيرتين بالرباط يومي 5 اكتوبر و7 نونبر، لو طلبت الحكومة من الأساتذة العودة الى الأقسام بعد إضراب يوم واحد لكان طلبها معقولا، لأنه سيعتبر أنداك اهتماما وتتبعا ووعدا، أما أن تطلب منهم وبشكل يشبه التحدي العودة أولا، وبطريقة فجة (لا حوار الا بالعودة الى الأقسام ) فهو نوع من التعنت الذي لا يليق بحكومة عهد إليها بتدبير الشأن العام والحرص على مصالح الجميع (أساتذة وتلاميذ) وليس ركوب العنتريات التي يطلقها بعض الوزراء والمسؤولين من قبيل؛ من سينهزم أولا!!
إن واجب الحكومة الدستوري يفرض عليها أن تسارع منذ اليوم الأول من الإضراب الى الاستماع الى مطالب المحتجين، لا أن تركب عناد وزرائها وتدعو المضربين وبعد قرابة الشهرين أن يعودوا إلى الأقسام أولا، إذ لا يعقل أن يعود مستسلما من فقد نصف راتبه، وإذا كانت الحكومة غير مهتمة بمطالب الأساتذة، فلتهتم بمصلحة ملايين التلاميذ الذين يتجهون نحو سنة بيضاء، ولتراعي ظروف الآباء الذين يعانون من البطالة والغلاء وارتفاع الأسعار، والذين أضافت إليهم مشكلا آخر بتجاهلها لإضرابات الاساتذة من بداية اكتوبر 2023..
فإذا أصر الأساتذة على عدم العودة فالمنطق إلى جانبهم، لأنهم لا يمكن أن يعودوا بعد شهرين من الاحتجاج، وفي ظل التهديد بالاقتطاع، ومع عدم استعداد الحكومة لايجاد حل وهو مايتبين من خلال خرجات الوزارء ورئيس البرلمان ..فلماذا سيعودون ماداموا لم يتوصلوا ولو بضمانة واحدة من الحكومة تبين حسن نيتها، والغريب أن الحكومة تعلن مرارا أنها تنتظر من النقابات أن تبادر لطلب الحوار، فهل يعقل وهل سبق وفي كل العالم أن استجدت النقابات الحوار من الحكومة، وهل يفترض مثلا من النقابات أن تحمل الهاتف وتتصل برئيس الحكومة وتقول له نريد أن نتحاور…
إن تدبير الحكومة لأزمة التعليم قد شابته الكثير من الأخطاء والفضائح وكان من نتائج ذلك ضياع ملايين ساعات العمل، وهدر الزمن المدرسي للتلاميذ ما سيؤثر على السنة الدراسية ككل، وإذا كان الأساتذة متضررين ويطالبون برفع الضرر عنهم بسحب هذا النظام الأساسي وتحقيق باقي مطالبهم، والتلاميذ متضررون بضياع وقتهم الدراسي، فمن المسؤول عن هذا الوضع؟ ومن المسؤول عن استمراره؟ ومن يجب أن يتدخل لحله؟ كل الاجابات تتجه الى الوزارة والحكومة، لكن، وعلى ما يبو، ومن خلال ما سبق ومن خلال هذا التعنث والإصرار على العناد، فالحكومة لا يهمها أن تجد حلا في القريب العاجل، ولا يهمها ضياع ملايين ساعات العمل وهدر الزمن المدرسي وإنقاد الموسم الدراسي، وإلا لكانت قد سارعت ومن الآن إلى دعوة النقابات وممثلي الأساتذة الى رئاسة الحكومة وبإشراف رئيسها، ووقعت معهم محضر يتضمن جدول أعمال اللجنة الوزارية المعينة والنقابات والسقف الزمني المحدد لنهاية هذه الاجتماعات، على أن يشمل هذا المحضر:
– سحب أو تعديل النظام الأساسي
– تحديد ساعات ومهام الأساتذة
– حذف العقوبات
– ملف المتعاقدين
– التعويضات
على أن يتم مناقشة وحل الملفات الأخرى العالقة ضمن أعمال اللجنة الوزارية وذلك وفق زمن معين وفي حدود نهاية دجنبر 2023.
إن استمرار تعنت الحكومة واستمرار خرجات وزرائها ومسؤوليها التي لا تزيد الوضع الا تأزيما، يؤشر على أنها لا ترغب في وضع حد لهذا الاحتقان الخطير الذي طال أمده، والذي انعكس على كل فئات المجتمع وأصبح يهدد السلم الاجتماعي بخروج التلاميذ والاباء في مظاهرات احتجاجية في عدة مدن، فماذا تنتظر الحكومة بعد كل هذا الوقت، لهذا عليها إما أن تتحمل مسؤوليتها وإما أن تمتلك الشجاعة وتستقيل لأن استمرار التلاميذ لازيد من أربع أسابيع فعلا يستوجب الاستقالة.
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبه
عبد العزيز المنتاج
يبدو أن الأزمة التي تجري أحداثها في قطاع التعليم قد لا تنجلي بخير، خاصة أن الإضرابات لا تزال متواصلة، ولا نية للأساتذة في وقفها، ما يعني استمرار هدر الزمن المدرسي واستمرار بقاء ملايين التلاميذ في الشارع… فمن المسؤول عما جرى وعما يجري الآن؟ لفهم السؤال لا بد من إعادة عقارب الساعة الى الوراء قليلا.
كلنا نعلم أن الوزارة كانت ولمدة سنتين في حوار مع النقابات ولإنجاح جلساته فرضت عليهم السرية وهو التزمت به النقابات لما يقارب الثلاثين اجتماعا، يوم 20 شتنبر انعقد اجتماع آخر قدمت خلاله النقابات مجموعة ملاحظات بشأن ماجاء في النظام الأساسي، لكن الوزارة تركت النقابات تنتظر وحملته يوم 27 شتنبر إلى المجلس الحكومي، وهو مادفع النقابات الى إصدار بيان رفضها للنظام الأساسي يوم 29 شتنبر، ويوم 5 اكتوبر الموافق لليوم العالمي للمدرس، نظم الأساتذة واحدة من أكبر التظاهرات الاحتجاجية في الرباط رفضا لهذا النظام وماجاء فيه، لكن الحكومة واجهت ذلك بسحل وضرب رجال التعليم وتعنيفهم، أما وزارة التربية الوطنية فردت على هذه المسيرة الاحتجاجية الضخمة بالإسراع بتمرير النظام الأساسي في الجريدة الرسمية، ما دفع الاساتذة للإضراب يوم 12 اكتوبر، لكن دون أن يهتم بهم أحد، لا الوزارة ولا الحكومة، بل أكثر من ذلك أطلقت الوزارة مسؤوليها الذين أكرمهم النظام الأساسي بتعويضات سخية ليشرحوا ايجابيات صفر درهم للأساتذة…
وقد انتظر الأساتذة 15 يوما ليلتفت إليهم أحد ولكن دون جدوى، ليعلنوا عن إضراب يوم 25 اكتوبر الذي شل جل المؤسسات التعليمية بالمغرب، وعوض أن تسارع الوزارة الى فتح قنوات الحوار أطلقت مسؤوليها الذين صبوا النار على الزيت بتشكيكهم في نسب الإضراب وأنها لا تتعدى 30%، ليستمر الاحتقان بتنظيم أكبر مسيرة احتجاجية بالرباط يوم 7 نونبر 2023 وبمشاركة أكثر من مائة ألف أستاذ، حينها قامت الحكومة في شخص رئيسها، وبعد شهر من بداية الأزمة، باستدعاء النقابات التعليمية والاستماع إليها، دون تحديد موقفها من مطالب رجال التعليم ودون وعدها بسقف زمني للرد عن هذه المطالب، لكن وبعد أيام استدعى وزير الشغل النقابات مرة أخرى للاستماع إليها، وبنفس الطريقة دون تقديم عرض حكومي ولا موقف رسمي ولا تعهد ولا تحديد لسقف زمني، ليتفاجأ الأساتذة بخرجات وكأنها تراجع حكومي، خرجات بدأها الناطق الرسمي مؤكدا لجوء الحكومة للاقتطاع، وتابعها رئيس الحكومة نفسه قائلا بأنه لا حوار الا بعد العودة للأقسام، وأنهاها وزير العدل بقوله أن الحكومة لن تتفاوض من موقف ضعف وأنه لن يقبل لي دراع الدولة وأنه وو..
السؤال المطروح أين كانت الحكومة منذ شهرا ونيف، ألم تتابع مسيرتين كبيرتين بالرباط يومي 5 اكتوبر و7 نونبر، لو طلبت الحكومة من الأساتذة العودة الى الأقسام بعد إضراب يوم واحد لكان طلبها معقولا، لأنه سيعتبر أنداك اهتماما وتتبعا ووعدا، أما أن تطلب منهم وبشكل يشبه التحدي العودة أولا، وبطريقة فجة (لا حوار الا بالعودة الى الأقسام ) فهو نوع من التعنت الذي لا يليق بحكومة عهد إليها بتدبير الشأن العام والحرص على مصالح الجميع (أساتذة وتلاميذ) وليس ركوب العنتريات التي يطلقها بعض الوزراء والمسؤولين من قبيل؛ من سينهزم أولا!!
إن واجب الحكومة الدستوري يفرض عليها أن تسارع منذ اليوم الأول من الإضراب الى الاستماع الى مطالب المحتجين، لا أن تركب عناد وزرائها وتدعو المضربين وبعد قرابة الشهرين أن يعودوا إلى الأقسام أولا، إذ لا يعقل أن يعود مستسلما من فقد نصف راتبه، وإذا كانت الحكومة غير مهتمة بمطالب الأساتذة، فلتهتم بمصلحة ملايين التلاميذ الذين يتجهون نحو سنة بيضاء، ولتراعي ظروف الآباء الذين يعانون من البطالة والغلاء وارتفاع الأسعار، والذين أضافت إليهم مشكلا آخر بتجاهلها لإضرابات الاساتذة من بداية اكتوبر 2023..
فإذا أصر الأساتذة على عدم العودة فالمنطق إلى جانبهم، لأنهم لا يمكن أن يعودوا بعد شهرين من الاحتجاج، وفي ظل التهديد بالاقتطاع، ومع عدم استعداد الحكومة لايجاد حل وهو مايتبين من خلال خرجات الوزارء ورئيس البرلمان ..فلماذا سيعودون ماداموا لم يتوصلوا ولو بضمانة واحدة من الحكومة تبين حسن نيتها، والغريب أن الحكومة تعلن مرارا أنها تنتظر من النقابات أن تبادر لطلب الحوار، فهل يعقل وهل سبق وفي كل العالم أن استجدت النقابات الحوار من الحكومة، وهل يفترض مثلا من النقابات أن تحمل الهاتف وتتصل برئيس الحكومة وتقول له نريد أن نتحاور…
إن تدبير الحكومة لأزمة التعليم قد شابته الكثير من الأخطاء والفضائح وكان من نتائج ذلك ضياع ملايين ساعات العمل، وهدر الزمن المدرسي للتلاميذ ما سيؤثر على السنة الدراسية ككل، وإذا كان الأساتذة متضررين ويطالبون برفع الضرر عنهم بسحب هذا النظام الأساسي وتحقيق باقي مطالبهم، والتلاميذ متضررون بضياع وقتهم الدراسي، فمن المسؤول عن هذا الوضع؟ ومن المسؤول عن استمراره؟ ومن يجب أن يتدخل لحله؟ كل الاجابات تتجه الى الوزارة والحكومة، لكن، وعلى ما يبو، ومن خلال ما سبق ومن خلال هذا التعنث والإصرار على العناد، فالحكومة لا يهمها أن تجد حلا في القريب العاجل، ولا يهمها ضياع ملايين ساعات العمل وهدر الزمن المدرسي وإنقاد الموسم الدراسي، وإلا لكانت قد سارعت ومن الآن إلى دعوة النقابات وممثلي الأساتذة الى رئاسة الحكومة وبإشراف رئيسها، ووقعت معهم محضر يتضمن جدول أعمال اللجنة الوزارية المعينة والنقابات والسقف الزمني المحدد لنهاية هذه الاجتماعات، على أن يشمل هذا المحضر:
– سحب أو تعديل النظام الأساسي
– تحديد ساعات ومهام الأساتذة
– حذف العقوبات
– ملف المتعاقدين
– التعويضات
على أن يتم مناقشة وحل الملفات الأخرى العالقة ضمن أعمال اللجنة الوزارية وذلك وفق زمن معين وفي حدود نهاية دجنبر 2023.
إن استمرار تعنت الحكومة واستمرار خرجات وزرائها ومسؤوليها التي لا تزيد الوضع الا تأزيما، يؤشر على أنها لا ترغب في وضع حد لهذا الاحتقان الخطير الذي طال أمده، والذي انعكس على كل فئات المجتمع وأصبح يهدد السلم الاجتماعي بخروج التلاميذ والاباء في مظاهرات احتجاجية في عدة مدن، فماذا تنتظر الحكومة بعد كل هذا الوقت، لهذا عليها إما أن تتحمل مسؤوليتها وإما أن تمتلك الشجاعة وتستقيل لأن استمرار التلاميذ لازيد من أربع أسابيع فعلا يستوجب الاستقالة.
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبه