JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

صندوق المقاصة و الدعم المباشر ما جرى في فاس مجرد تمرين بسيط لما يمكن أن تعرفه البلاد من فتنة

صندوق المقاصة و الدعم المباشر  ما جرى في فاس مجرد تمرين بسيط لما يمكن أن تعرفه البلاد من فتنة

خلف اعتصام عشرات المواطنين أمام إدارة الضرائب بفاس للمطالبة بالدعم المباشر ردود فعل متباينة من بينها موقف رئيس الحكومة الذي اعتبر الأمر تشويشا مقصودا على عمل حكومته. وفي انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات التي تم إعطاء تعليمات بإجرائها، يبقى من حقنا أن ننظر إلى الموضوع من زاوية أخرى، بعيدا عن الدهشة المفتعلة حول الموضوع.
بنكيران، منذ وصوله إلى رئاسة الحكومة، وهو يشهر ورقة إصلاح صندوق المقاصة من منظور وحيد, يجعل من عملية تقديم أموال مباشرة إلى فئات اجتماعية معينة... حجر الزاوية في كل إصلاح. حزب رئيس الحكومة، وطيلة فترة مكوثه في المعارضة، لم يسبق أن وضع إصلاح المقاصة بهذا المنظور, ولم تحمل برامجه الانتخابية رؤية واضحة للإصلاح, واليوم يحاول الحزب نفسه، بلغة سطحية وتفسيرات بسيطة, إقناع المغاربة أن موضوع الإصلاح كان معلقا فقط على القرار السياسي وجرأة اتخاذه، وهو ما كانت تفتقده الحكومات السابقة.
رغم الرغبة في جعل سيناريو الإصلاح بدون ملامح ظاهرة, بل فقط مجموعة عناوين وشعارات, فإن السيد بوليف في حوار مطول مع إحدى اليوميات, عبر بوضوح على أن الدعم المباشر هو اختيار الحكومة, وأن وزارته جاهزة لتنفيذ هذا الإصلاح وبهذا المنظور.ما يعيق هذه الرؤية أنها لا تقف على أرضية صلبة, فالدولة لا تتوفر على إحصاء دقيق للفئات التي يمكن إدراجها ضمن خانة المستفيدين, وليست هناك إلى اليوم دراسات شاملة, تستطيع أن تقدم لنا انعكاسات إصلاح كهذا, إضافة إلى ذلك، فإن موضوع الدعم المباشر يطرح إشكالات أخرى أعمق, تتمثل في النموذج الذي نريده للمجتمع المغربي, خاصة أن تجارب الدعم المباشر خلقت مجتمعات اتكالية لا تصلح أن تكون نموذجا للتجربة المغربية, ثم هل تستطيع مختلف الأسر المغربية تحمل الأسعار الحقيقية للمواد المدعمة, خاصة أن الحصة الكبيرة من الدعم موجهة أساسا إلى المواد الطاقية؟ ومعنى ذلك أن الزيادات ستكون مضاعفة, أي الزيادة في أسعار المحروقات من جهة, وفي أسعار السلع من جهة أخرى, وكلما بعدت المسافة بين مصدر السلع والمستهلكين كلما ارتفعت قيمة الزيادة, وهو ما يعني أن المغرب العميق الذي يعيش تهميشا متوارثا, هو من سيدفع الفاتورة الأكثر فداحة لإصلاح عشوائي كهذا.
لننظر إلى ما جرى في فاس من منظور آخر... فرئيس الحكومة ليس من حقه التعبير عن الدهشة, فما جرى في فاس هو مجرد تمرين بسيط لما يمكن أن تعرفه البلاد من فتنة فيما يتعلق بتوزيع الدعم المباشر. وعلى هذا الأساس يجب أن يتصرف رئيس الحكومة الذي من خلال خرجاته الإعلامية غير المحسوبة, نفخ في وهم الدعم المباشر والذي يبدو أنه استعجل مكاسبه السياسية قبل أن تنضج, فبنكيران هو من قال أمام البرلمان إنه غير مستعد للاستمرار في دعم أصحاب السيارات الخاصة, وأن من يريد استعمال سيارته عليه أن يتحمل الفاتورة الحقيقية. وبنكيران هو من يعتبر أن المغربي الذي يتقاضى أربعة آلاف درهم شهريا, من الفئة الميسورة التي يجب أن تتحمل الأسعار الحقيقية, لذلك فإن الناس البسطاء عندما ينظمون طوابير لتلقي مساعدات بنكيران المباشرة فهم غير ملومين، لأنهم صدقوا وهما يسوقه رئيس حكومتهم منذ شهور.
رئيس الحكومة مطالب ليس بكشف من يقف وراء تسويق وهم الدعم المباشر, ولكن بما هو أهم, وهو مراجعة الذات ومقاربات تدبير الشأن العام, والتي تتسم إلى اليوم بالكثير من الهواية والحسابات الانتخابية الصغيرة.. في لحظة تتجه فيها البلاد إلى الهاوية. إن بنكيران يعرف أنه على رأس حزب روج طويلا للدعم المباشر وحدد له أرقاما, وعليه، يجب أن يتصرف بالكثير من الحكمة, وما تقتضيه المرحلة.

بقلم: عادل بنحمزة, كاتب وصحافي الصباح
الاسمبريد إلكترونيرسالة