JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->

المتعلمون والارتقاء بتكوينهم وتعلمهم‏

المتعلمون والارتقاء بتكوينهم وتعلمهم. الأستاذ: ابراهيم بوزيد للجريدة التربوية الالكترونية

تمهيد: يندرج موضوع المتعلمين والارتقاء بتكوينهم وتعلمهم ضمن مجال الرفع من جودة التربية والتكوين في حقل الموارد البشرية، باعتبارها تشكل الرأسمال الرمزي الذي عليه يتم البناء الأساسي لكل إصلاح تربوي/ مجتمعي ، وبالتالي فكل تكوين يروم تغيير وتيرة النمو الاجتماعي والاقتصادي والثقافي داخل صيرورة المجتمع ككل، والمجتمع المغربي خاصة لا بد أن ينطلق من مبدأ الارتقاء بالمتعلمين، هذا الارتقاء الذي يعني في عمقه التفكير في رهان المستقبل وتأسيس واجه حقيقية لمواجهة العوائق الداخلية لتخلف مجتمعنا، فإذا كان الأمر كذلك، ماذا نقصد بالمتعلمين؟ وماهي أهم العوائق التي حالت دون الارتقاء بهم؟ وما هي مسارات تكوينهم؟ وما هي أهم الشروط المؤسسة لمسلك الارتقاء بهم؟

1- دلالة المتعلمين ودورهم داخل المنظومة التربوية المغربية المعاصرة :عادة عندما نتحدث عن المتعلمين يقصد بهم الذين هم في موقع السماع والتلقي والتأثر، فهم الذين يقومون بأخذ المعلومات، ويتقنون استهلاكها، وأن معيار فهمهم ووعيهم وتطور ملكات أفكارهم يقاس بمدى استيعابهم لمضامين رسالة معلمهم، وهذا المعنى يحيل إلى تصور تقليدي للعملية التعليمية/ التعلمية، التي تجعل من المعلم هو المصدر الحقيقي لاكتساب المعرفة، في حين أن العملية التعليمية/التعلمية لا تمت بأي صلة بمفاهيم المرجعية القطعية، أو سلطة القرار والإلزام، أو ملكية المعرفة ونهايتها، بل بمفاهيم تتجاوز أحادية المعرفة وتمركزها، وترتبط بشكل دينا مي بمفاهيم التنشيط، والبناء، والتحويل. كما أن العملية التعليمية/التعلمية لا تحيل إلى فعل فردي خالص، بل إلى بعد مؤسساتي يتمثل في العاملين في مستويات مختلفة( أعضاء هيئات التعليم، والموجهون التربويون، وبرامج، ومراكز موجهة، ومتعلمين مشاركين وغيرها من المكونات)، ومن جهة أخرى فالتعليم يحيل إلى مجموعة من التقنيات التي تتميز بتقطيع المعلومة المراد تبليغها إلى مجموعة من العناصر البسيطة، قابلة لأن تستوعب من طرف المتعلم دون تدخل من المدرس . أما دلالة التعليم من خلال الميثاق الوطني للتربية والتكوين; فقد ارتبط بشكل أساسي بمفهوم الجودة- لتجاوز البعد المعرفي الخالص للتعليم-، نعم الجودة في التكوين، والجودة في الطرائق، والجودة في التقويم . كما ينص الميثاق على ضرورة أخذ بعين الاعتبار تطلعات المتعلمين وحاجاتهم البد نية والوجدانية والنفسية والمعرفية والفنية والاجتماعية، والوقوف أما المتعلمين موقفا قوامه التفهم والإرشاد والمساعدة على التقوية التدريجية لصيرورتهم الفكرية والعملية، وتنشئتهم على الاندماج الاجتماعي، واستيعاب القيم الدينية والوطنية والمجتمعية ، باعتبار أن المتعلمين هم النواة الصلبة والقلب النابض للمجتمع المغربي في ضمان الاستقرار الاجتماعي والثقافي، وتطوير الديمقراطية وحقوق الإنسان، وإنتاج المعرفة والرأي وتنمية روح المبادرة والقدرات الإنتاجية والإبداعية، وتحسين الهوية المغربية والارتقاء بها > وعليه، فكل حديث عن المتعلمين هو حديث ملازم لكل تغيير لا ينفصل عن ما هو اجتماعي، وملازم في نفس الوقت لما يعد رهانات مستقبلية، تتجاوز التصور الضيق لمهمة التعليم ووظيفته. يتعلق الأمر هنا، وحسب تعبير الكتاب الأبيضّ ببناء المجتمع المستقبلي المراد بناؤه، وما هو في طور الإحداث وينبغي تعميمه، وما هو متجاوز ويلزم إعادة النظر فيه . في سياق هذا العرض نتساءل: ماهي أهم العوائق التي حالت دون الارتقاء بالمتعلمين؟ وما هي مسارات الارتقاء بتكوينهم؟ 2- عوائق التكوين وطرائق تحقيق الارتقاء بالمتعلمين

2.1. عوائق تكوين المتعلمين: يمكن مقاربة هذه العوائق انطلاقا من شرطين أساسيين: الشرط الموضوعي، والشرط الذاتي. فالشرط الموضوعي يتمثل في مجمل العوامل الخارجية التي ساهمت في الحد من فعالية المتعلمين واعتبارهم مجرد انعكاس آلي لما يجري في واقع المؤسسات السياسية والرمزية من ارتجال وتسرع تحكم في دواليب النظام التربوي، مما جعله بعيدا كل البعد عن التفاعل الايجابي مع مستجدات الواقع، نذكر من بين هذه العوامل: أولا: اختزال وظيفة المدرسة بالنسبة للمتعلمين في تلقين المعلومات دون غيرها. إنها واجهة تدفع المتعلمين إلى إعادة نفس الرموز الثقافية السائدة في المجتمع، وتحول دون التفكير في المشاكل الواقعية التي تعيق البناء الفعال والمنتج لهم، فضلا على أن وضعية هؤلاء المتعلمين تبدو منعزلة عن باقي المكونات الأخرى الفاعلة داخل المؤسسة التربوية، فقلما نجد تواصل دينامي بين الأساتذة والمتعلمين من جهة، والإدارة التربوية والمتعلمين من جهة أخرى، واختزال وظيفة الأستاذ في وظيفة تبليغ المعلومات، وإعادة استهلاكها ضمن برنامج مؤسس على أهداف مسبقة، وتقويمات جزائية قوامها الحفظ الذي يستجيب في عمقه لثقافة الذاكرة، مما يحول دون إبداعية المتعلمين وتنشيط ملكاتهم الفكرية والتربوية والسلوكية، وبالتالي السقوط في آفة التكوين العام الذي لا يراعي متطلبات الواقع، وخصوصيات المتعلمين. مما نجم عن ذلك انسداد آفاق العمل والتشغيل. وفي سياق هذا التوضيح يعلق الدكتور عز الدين الخطابي قائلا: إن هاجس- ربط التعليم ومنطق السوق- له ما يبرره...بالنظر إلى الهوة التي ما فتئت تتسع، بين واقع المؤسسة التربوية والمحيط الخارجي، وهو ما جعل المؤسسة الجامعية على سبيل المثال، تفرخ جيوش العاطلين الذين لا يمتلك أغلبهم المؤهلات والكفايات الضرورية لمواجهة متطلبات الواقع الاقتصادي والاجتماعي ، مما كرس لدى الآباء فكرة دونية التعليم وعدم جدواه، وأن متابعة الدراسة يعني ضياع للوقت والجهد والمال، وهذا قد أدى بدوره إلى تفشي ظاهرة الهذر الدراسي، وتراجع دور ووظيفة المدرسة داخل المجتمع.

2.2. طرائق الارتقاء بتكوين المتعلمين:- تحيل الطرائق هنا إلى مجمل الوسائل النظرية والعملية الفردية منها والجماعية التي تساهم عموما في الرفع من مستوى المر دودية الرمزية لنظامنا التربوي، ومردو دية العطاء المنتج للمتعلمين في سياق تفاعلهم الناجع مع مستجدات الواقع، ورهانات المستقبل. ولعل المبدأ الأساسي الذي يساهم في ضمان الوجود الفعلي للارتقاء بالمتعلمين هو اعتبار التربية والتكوين فعلان مركبان لا يتحققان إلا بوضع استراتيجية محكمة تشارك فيها جميع الأطراف المكونة لنواة المجتمع، وتوفير الشروط الموضوعية المادية منها والرمزية لربط النظرية بالممارسة، والممكن بالواقع. كما أن هذه الطرائق بجب أن تكون موصولة بمجموعة من المفاهيم الحديثة منها نشاط المتعلم وتعلمه الذاتي، والثقة في قدرات هذا المتعلم وإمكانياته ، والإنتاجية التي تروم إثارة الذهن قصد التعبير والإبداع التي تقوم على مبدأ التفاعل الدائم بين المعلم والمتعلمين . دلالة هذا التوضيح ضرورة الأخذ بالتصور التكاملي في معالجة معضلة تكوين المتعلمين، أي نظام تربوي يراعي الاعتبارات التالية: الاعتبار الأول: النظام التعليمي شبكة مفتوحة لأنظمة فرعية تتكون من المؤسسات متعددة الاختصاصات قابلة للتطوير على ضوء مستجدات إصلاح النظام التربوي . الاعتبار الثاني: اعتبار الهيئات التربوية والإدارية والتقنية، آليات لاستكمال وإعادة بناء هذا النظام وتطوير وظائف مكوناته . الاعتبار الثالث: المتعلمون هم النواة الصلبة والقلب النابض للمجتمع المغربي . إذن فالارتقاء بتكوين المتعلمين لا يتحقق إلا إذا استحضرنا الشروط العامة الفاعلة في صلب العملية التعليمية/ التعلمية. أضف إلى ذلك ضرورة أخذ بعين الاعتبار الواقع السوسيوثقافي الذي يؤثر في تكوين المتعلمين، وهنا لابد أن نشير إلى مبدأ عدم الفرص القائم داخل المدن المغربية، مما يقتضي والحالة هذه تفعيل مبادئ التخفيف والتبسيط والمرونة والتكيف المنصوص عليها في المجال الثالث الوارد في ; الميثاق الوطني للتربية والتكوين فضلا على أن الارتقاء بتكوين المتعلمين رهين بتغيير مناهج التدريس، ومناهج التأليف المدرسي، ومناهج التقويم، بل وتغيير الفلسفة الموجهة لطرائق المعلمين أنفسهم، فمثلا بالنسبة للمناهج المتبعة في التدريس فهي بعيدة كل البعد عن الملاءمة والتكيف والمرونة والمعاصرة الموجهة، ولا يراعى في مساراتها إلا التلقين والإرشاد والموعظة التي تستجيب في آخر المطاف لثقافة الكم والحلول الجاهزة بدل الحوار وحل المشكلات التي تستجيب لوضعية يتفاعل فيها المتعلمين مع موضوع التعلم، وبالتالي فسح المجال للتعلم الذاتي، وهذا ما أكد عليه كار ل روجيرس C.Rogers في سياق تعليقه على أحد الأسباب المفسرة لفشل المتعلمين في إنجاز تمارينهم، منها تقديم تمارين لا تثير اهتمام المتعلمين، أو بعيدة كل البعد عن التغيير النهائي الذي نريد أن يحصل عندهم. من هنا يقترح جان بياجيه J.PIAGET إكساب المتعلمين مناهج وطرائق التعامل مع المشاكل، وتدريبهم على التعامل مع الخطـأ كخطوة في اتجاه المعرفة الصحيحة ، كما يقترح لوي دينو(1978) تحديد الأنشطة للمتعلمين والكيفية التي سيتم تقويمهم. ومع هذا كله فلا معنى لدور المناهج في الارتقاء بتكوين المتعلمين دون ضمان استمرار تكوين المعلمين على ضوء التوجيهات الجديدة المحددة لمجمل الكفايات المتوخاة من تكوين المتعلمين، الكفايات التي تتحقق لدى المتعلمين وفق المستويات المأمولة، والتي تتحدد عن طريق القياس والتقييم الموضوعيين لما تحقق بالفعل داخل المجزوءات أو الوحدات التعليمية التعلمية، باعتبارها تشكل الحامل الرئيسي لتلك الكفايات

* صاحب المقال في سطور: - من مواليد مدينة المحمدية> - حاصل على شهادة الباكالوريا،الآداب المزدوجة،ثانوية الجولان، العاليا، مدينة المحمدية. - حاصل على دبلوم الدراسات العامة. اختيار: فلسفة. جامعة محمد الخامس،كلية الأداب والعلوم الإنسانية.مدينة الرباط. - حاصل على شهادة الإجازة في الآداب. تخصص: قلسفة. نفس الجامعة. مدينة الرباط.>- حاصل على شهادة استكمال الدروس، اختيار: الفلسفة الإسلامية. نفس الجامعة. مدينة الرباط. - حاصل على دبلوم الدراسات العليا المعمقة. تخصص: التواصل الحضاري. جامعة محمد الأول. كلية الآداب والعلوم الإنسانية. مدينة وجدة. - بصدد تهييء شهادة الدكتوراه الوطنية. - حاصل على شهادة المدرسة العليا للأساتذة: شهادة الأهلية للتعليم الثانوي.شعبة الفلسفة. مدينة مكناس. - حاصل على شهادة الكفاءة التربوية في تدريس مادة الفلسفة بالتعليم التأهيلي الثانوي.مدينة أرفود. - نشر عدة مقالات في الحقل الثقافي عامة،والفلسفي التعليمي التربوي خاصة. - شارك في عدة منتديات وطنية ثقافية، وفلسفية تعلبمية تربوية.

الاسمبريد إلكترونيرسالة