JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

تحقيق سوسيولوجي يكشف عن دور الثقافة في الهدر المدرسي الهدر المدرسي والمسألة الثقافية للباحث أحمد شراك

"الهدر المدرسي والمسألة الثقافية" هو عنوان الكتاب الصادر، حديثا، ضمن منشورات "جريدة حقوق الناس"، وبدعم من "مركز حقوق الناس بالمغرب"، للكاتب والباحث السوسيولوجي أحمد شراك
وهو عبارة عن تحقيق سوسيولوجي حول الهدر المدرسي وعلاقته بالمسألة الثقافية بجهة فاس بولمان، قام به الباحث أحمد شراك في سياق بحث جامعي بسنة 2008 و2009، بمساعدة فريق من المحققين في مناطق رأس تبودة، وتازة، وأكنول، وتاونات، وصفرو، وفاس )عين النقبي، وسهب الورد(، ومولاي يعقوب، وإيموزار، وبولمان.
وفي تقديمه لهذا البحث السوسيولوجي، الذي يدخل في إطار استراتيجية عمل مركز حقوق الناس، وانشغالاته الحيوية بحقوق الإنسان بصفة عامة، ذكر أحمد شراك أن الوعي بأهمية مشكلة الهدر المدرسي، أصبح ملموسا، داخل الأوساط التربوية وغير التربوية، وأصبح البحث عن حلول لهذه المعضلة أمرا مشتركا بين الوزارة الوصية، ومختلف الفرقاء السياسيين، والاجتماعيين، والتربويين، ومختلف النخب، لأسباب خارجية وداخلية، إذ أن الأسباب الخارجية تعود إلى أن مختلف التقارير الأجنبية الصادرة عن الأمم المتحدة تضع المغرب في أسفل سلالم التعليم، على الصعيدين الدولي والإفريقي والعربي، أما الأسباب الداخلية فتتعلق بصيرورات التنمية الاجتماعية، والاقتصادية، التي يشكل فيها التمدرس دورا استراتيجيا، إذ أن المغرب مازال يعاني الأمية، والفقر، والبطالة، والعجز في ميادين شتى، في مقدمتها قطاع التربية والتكوين.
وأضاف شراك أن الهدر المدرسي معضلة كبيرة في النظام التعليمي المغربي، حظيت بالاهتمام في مجموع المخططات الاستعجالية، التي أجريت في المغرب للنهوض بالتعليم، لكنه لم يستطع أن يقلص من الهدر المدرسي إلى الحدود القصوى، رغم أن الغلاف المالي المخصص لها، سواء في المصالح المركزية أو مصالح الأكاديميات الجهوية، غلاف إيجابي، لأن هناك عوامل أخرى غير مادية لم يلتفت إليها، ومن شأنها أن تحد من عملية الإصلاح، وتعرقل مردوديتها إلى الدرجة القصوى، وهي العوامل الثقافية، التي تتوارى وتختفي، عوامل تتصل بتشكيل بنيات وذهنيات، وعقليات أفرزتها الظروف السوسيو – اقتصادية، أو السوسيو – سياسية، والحتميات الجغرافية والمكانية.
يتوزع كتاب "الهدر المدرسي والمسألة الثقافية"، الذي يبحث في دور الثقافة بالجمع في الهدر المدرسي، إلى مقدمة وقسمين: الأول معبر نظري، يضم ثلاثة فصول، الأول حول المفهمة والمشكلة عن الهدر المدرسي والأمن الثقافي، والثاني حول السؤال السوسيولوجي، والثالث حول المطبخ المنهجي. أما القسم الثاني فيضم عمل التحقيق الميداني، الذي شمل ثلاثة مجتمعات دراسية أساسية: مولاي يعقوب، وإيموزار، وبولمان، والمفصل في أربعة فصول: المدرسة بلسان المهدورين، والهدر في نظر الفاعلين، والأسرة والهدر: قراءة متقاطعة، والهدر والأمل: ثقافة التعبئة والتطوع، ثم خاتمة، وبيبليوغرافيا تضم الملاحق، والاستمارات، والمقابلات، التي أجراها الطلبة، الذين تكلفوا بالعمل الميداني، وهم أناس العندليب عن منطقة مولاي يعقوب، وأمال الوطاية عن منطقة إيموزار، وجهاد بوغرام، التي عاينت منطقة بولمان.
وانطلاقا من السؤال المركزي: هل الهدر المدرسي هدر ثقافي بالدرجة الأولى؟ الذي شكل الإطار المنهجي والمعرفي في هذا التحقيق الميداني، خلص الباحث السوسيولوجي أحمد شراك، الذي تأكد بنفسه من صدقية المعاينات الميدانية، إلى أن الهدر المدرسي واقعة معطاة، لا تحتاج إلى استدلال أو تشخيص أو بيان، وهذه الواقعة لها تلفيظات مادية، وتشفيرات رمزية، التلفيظات المادية ترتبط بالجوانب الفيزيقية، والمالية، والوجيستيكية للمدرسة المغربية، خاصة المدرسة القروية، أما التشفيرات الرمزية فيمكن إجمالها في الذهنيات، والعقليات، والرؤيات نحو العالم، أو بشكل عام في دور العامل الثقافي المترجم على صعيد السلوكات، والعلائق، والممارسات.
وذكر شراك في باب التوصيات أن "تفعيل إلزامية التمدرس بات أمرا ضروريا يفرض نفسه كإجراء استراتيجي من أجل القضاء على الهدر المدرسي، وبالتالي كسب رهان مدرسة مغربية ناجحة وفعالة، مدرسة تضمن مقعدا لكل الأطفال والطفلات، مدرسة تتجاوز- حقا – إعادة إنتاج الأمية بالنسبة للأجيال الحالية، والأجيال القادمة، إذ لا يعقل أن تظل المدرسة المغربية المعاصرة تعيد إنتاج رواسب ما قبل الاستقلال وما بعده، حيث إن حملات محاربة الأمية، وإن كانت وافرة، فإنها لم تقض عليها لدى أجيال ما بعد الاستقلال، ومازال المغرب يعانيها إلى اليوم، بشكل مضاعف، فمن جهة أمية الكبار، ومن جهة أخرى أمية الصغار، الذين سيكبرون وتكبر معهم مشاكل المغرب في التخلف، وإعادة إنتاج التخلف".
وأوضح شراك أن إلزامية التمدرس ينبغي أن تكون مقرونة بإجراءات ملموسة على الأصعدة القانونية، والسياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، كتفعيل إجبارية التعليم على الصعيد القانوني، وإجراءات أخرى تهم كل الوزارات والقطاع الخاص، والمجتمع السياسي، والمجتمع المدني، التي حددها شراك في مساهمة الجماعات المحلية، والسلطات المحلية، والأحزاب السياسية، خاصة في القرى، عبر تعبئة السكان حول أهمية التمدرس، ثم مساهمة القطاع الخاص وشبه الخاص، وفتح المجال أكثر لمساهمات المجتمع المدني، خاصة في البوادي من أجل نشر ثقافة جديدة، هدفها استرجاع الثقة في المدرسة. هذا إضافة إلى مضاعفة أدوار التنمية البشرية، وتعميق تحفيز التمدرس لدى الأسر، وتعميق جاذبية المدرسة القروية، سواء بالنسبة للمتمدرسين، أو المدرسين والفاعلين التربويين، من أجل مردودية أكثر، والعمل على بث ثقافة جديدة عبر التعبئة والتحسيس والإشعاع، تعيد للمدرسة قوة اعتبارها في أوساط السكان، بل في الأوساط الاجتماعية بشكل عام.
سعيدة شريف الصحراء المغربية
الاسمبريد إلكترونيرسالة